***

 

 

يأخذان آلتهما المسجلة ويذهبان ليلا إلى أعماق الخلاء.. يجعلان زر ضبط الصوت يصل إلى مداه.. مدى صوت الخلاء. يرقص الأول رافعا رجلا وواضعا أخرى.. محركا يده المهزوزة إلى أعلى تارة والمنخفضة إلى أدنى تارة أخرى.. الخطوات محسوبة.. يضع كل رِجْلٍ في مكانها بدقة.. تليها الأخرى بتناسق.. يتحرك الظهر والأكتاف.. يتم الهبوط والصعود في تناغم.. يبتعد عن صديقه المستلقي في دَعَةٍ جنب الآلة إلى أن يكاد الصوت يتلاشى ثم يعود كما انطلق مكررا نفس الحركات.. محافظا على نفس الانسجام.. الرقص ضبط الجسد والأحاسيس على إيقاع ما...

- تَاكْ تَتَاكْ.. سْتَاكْ أَتَاكْ.. تَاكْ تَتَاكْ.. سْتَاكْ أَتَاكْ...

الرقص في الخلاء.. الموسيقى في الخلاء.. كالخلاء في الخلاء.

يجلس الأول وينهض الثاني. يقف صامتا دون حركة كعمود في الخلاء. تبدأ الحركة سريانها في العمود. تتحرك الأيادي. يتململ الجسد. تتدفق الحركات. يسري الرقص في الجسد.

فَتْ سَتْ.. سَتْ رَتْ.. سَتْ سَتْ.. رَتْ رَتْ...

يختفي حتى يكاد الصوت يختفي ثم يعود راسما ظله على الأرض المُضَاءَة بالقمر وكأن مصابيح الفراديس المفقودة حضرت هذه الليلة المقمرة كي تعكس هذا الخيال الراقص وتختفي!

 

 

***