***
تستحضر أمه سيرة ابن أخيه...
... بعد موت أمه مذ كان رضيعا، تلقفته عجائز القبيلة، ولما كبر ظل يجالسهن، تجده يقوم بجل أعمالهن، تعلم العجين والطبخ والتصبين، رعاية الدجاج، الغزل والنسيج والحياكة، حفظ أغانيهن.. وحين بلغ المراهقة، نَفَتَ قذائفه وراء مؤخرة مربيته التي كانت لا تجعله يفارقها بعد أن مات زوجها عنها إلى درجة أصبح ينادى بـ"ولد لطيفة".. انتقل إلى الجامعة. اكتشفت جماله إحدى مدرساته. أخذت تأخذه معها. اكتشف أيضا من خلالها مجموعة نساء مطلقات في سن الخمسين فما فوق. تعود التناوب عليهن أو اعتدن التناوب عليه.. أخذ إجازته في الأدب العربي أو اللغة العربية أو.. فتوسطت إحداهن لصالحه بفعل علاقاتها السرطانية الممتدة. دخل مركز تكوين المعلمين. نجح متفوقا، تماما كما حرصت على أن يكون فوقها حين تريده. ساعدنه أيضا على أن يحظى بتعيين تفضيلي يبقيه بالقرب منهن.. اكترى شقة غُلامية صغيرة "Garçonnière". بات ينظم مواعيده معهن سواء بالذهاب إليهن أو الإتيان إليه: لا فرق!
كانت شقته متحفا للهدايا والمسروقات. كان خفيف اليد، إذا دخل مكتبة دَسَّ كتابا بين لحمه وسرواله أو بَتَر مقالا من مجلة.. وإذا زار إحداهن أخذ شيئا ما.. وإن ولج بيت صديق لبس لباسه أو أخذ كتبه أو سلب شيئا لا ينتبه إليه صاحبه في حينه...
... ها هو اليوم تنخر الديدان عموده الفقري.. وتعشش الباكتيريا في ذََكَرِهِ... عاد إلى بيت مربيته ليموت بعد أن ماتت حزنا على ذهابه دون رجعة...
***