***
كان ولد رحمة، أحد أغنياء البلد ومالك أكبر قطيع أغنام فيه، يرغب في الزواج من أمه قبل أن تتزوج بمن له منها ابنها الوحيد، نور عينيها بعد أن فقدت نور بصرها.. حاول أن يغري أباها بشتى الوسائل كي يفوز بها، كان جمالها يفوق الوصف كما تدل حروفه الشاهدة، لكنه لا يرغب في أصحاب الكروش المنتفخة التي تحجب رؤية ما يوجد أسفلها. رفضته كما يرفض الجسم الڤيروس.
بقيت روح الحقد قابعة في دواخله. استدرج الابن لرعي قطيعه مقابل إغراءات كثيرة. لم تستطع الأم منع الإبن لعدم توفرها على حجة مقنعة في زمن الضيق والخصاص.
انتهت السنة ولم يتلق الإبن نصيبه. طالب بنصيبه. تآمر عليه الفقيه والأعيان. لم ينصفه القائد. لم ينصفه الأقرباء.
هاجر صديقه حَيْمُود دون رجعة. الوحيد الذي كان يفك عنه العزلة. جعله يعيش جو الجامعة والحياة الجامعية دون أن يراهما. كانت تعجبه كلمة "نضال" و"رفاق" و"نقطة نظام" لمّا ينطقها حيمود متلعثما بالنبيذ.
انتظر صديقه كل سَبْتٍ.. سَبْتَيْن.. تعددت السُّبُوت إلى أن يئس من طول الانتظار.. عندما ينصرف سبت ولم يظهر لصديقه أثر، يتصوره معانقا رفيقته أو مخاطبا "الجماهير الطلابية" أو تائها في براري غابة "المعمورة" أو شاردا بين حافلات "القامرة" أو متسكعا بين حانة وأخرى أو يمسك القلم ويبحث عن سبب يزحزح صخور المغرب المعاصر واندحار صقوره!
***